...ما لي أطاوع قلبي وهو يدفعني | إلى حياض الردى والعقل ينهاني؟!
|
...إنّي سئمت فقلبي كلما ضحكت | لي الحياةُ بطيب العيش أبكاني!
|
...هذا أنا..أسكب الألحان من شفتي | وليس يسعدني شدوي بألحاني
|
...وأمتطي من أحاديث الدجى لغةً | تطوف بي في فضاء العالم الثاني
|
...يحاول القلب أن ينأى بصومعةٍ | عن الحياة فقد أشقته أحزاني
|
...والليل يرسم في عينيّ أخيلةً | يشفّها من أحاديثي وأشجاني
|
...كأنّ عينيّ في أجفانها شَرَكٌ | والنوم طيرٌ رأى ما بين أجفاني
|
...هذا أنا..أشعل الأبيات، في لغتي | نارٌ قبَست لها من نور إيماني
|
...هذا أنا..أنتقي للناس فاكهةً | من سلّةٍ ذات أشكالٍ وألوان
|
...وأقطف الورد من أغصان دوحته | فلا تدلّى بغير الورد أغصاني
|
...كأنّني نسمةٌ في الفجر قد عبقت | أو بسمةٌ قد حواها ثغر نيسان
|
...أو أنّني نبضةٌ في القلب قد خفقت | يضمّها في الحنايا صدر إنسان
|
...لكنّني في زمانٍ كلما زرعت | أناملي أنكروا وردي وريحاني
|
...هذا أنا.قد كسوت الناس من حللي | لكنّ ثوبي من الأحزان أكفاني
|
...وضقت ذرعا بأرجائي التي وسعت | من يملؤون بزرع الشوك ودياني
|
...من أين أبدأ تمزيق الدجى؟ فأنا | نورٌ كليلٌ وليل الهمّ أضواني
|
...وكيف أزرع بيدائي وقد يبست | كفّي من الغرس والرمضاءُ ميداني
|
...إذا تخاصم أهل الحب في وطنٍ | كتبت في دفتري نهجي وعنواني:
|
((بالشام أهلي وبغداد الهوى وأنا | بالرقمتين،وبالفسطاط جيراني
|
...وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ | عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني))
|
(*)البيتان الأخيران لأبي تمام |